المحتوى والذكاء الاصطناعي

كتابة: غدير سعيد آل زعير

لطالما كان كتاّب المحتوى هم المسيطرين والمهيمنين على الساحة الكتابية، حتى أتى من كان قادراً على المنافسة بنفس مستواهم -تقريباً- باستثناء الفارق الذي يكمن في سرعته الهائلة والتي تكون في أجزاءٍ من الثانية الواحدة!


بعدما كان استخدام الذكاء الاصطناعي ينحصر في  أداة "سيري، هل يمكنك أن تغني لي؟" تعدّت قدرته الآن وطال أثره بأن أصبح يكتب المحتوى على شتى المنصات الرقمية المختلفة، بجانب قدرته المخيفة على تأليف الكتب الرقمية وبجودة عالية!


لك أن تتخيل قيامه بتحليل أكثر من 300 مليار كلمة من الكتب ومصادر الأخبار والمجلات والتقارير ومنشورات وسائل التواصل الاجتماعي الموجودة على الإنترنت (حرفياً؟ كل شيء!)


 وبضغطة زر يخبرك بالذي تريده في جزء من الثانية، الأمر الذي يجعل من سرعة تحسين الآلة أمراً مثيراً للدهشة؛ فبحلول الوقت الذي يتم فيه نشر هذه المقالة، سيتم إصدار سلسلة من التحديثات ونماذج الذكاء الاصطناعي الجديدة من قبل الشركات المنافسة! وسواءً أحببنا ذلك أم لا، فإننا نعيش في مشهد عالمي جديد يتأثر بهذا التطور التقني السريع.


ومع كلّ تلك الدهشة وذاك الانبهار الآتيان من هذا العصر الأخّاذ، تتسلل خيوط خوف دفين من على نافذة تلتف وتحيط بقلوب كتاّب المحتوى المترقّبين، وسؤالٌ واحدٌ يعلو أذهانهم جميعًا : هٍل سيستبدلنا الذكاءالاصطناعي ويمحينا من الوجود ، ليُحلّ عشيرته محلّنا ، ويكونوا جميعاً في آن واحد: الرئيس والمرؤوس؟!

مُحال! كلّ تلك المخاوف هي ضربٌ من الجنون! لذا أرعن سمعك إليّ وبتمعّن لي اقرأ:ٍالمخاوف التي تتعلق باستبدال البشر بواسطة الذكاء الاصطناعي تظل مخاوف بلا أي أساس؛ لأنّالمستقبل يكمن في استخدام الذكاء الاصطناعي كأداة لزيادة الإنتاجية في المهام المتعددة وتعزيز القدرات البشرية بدلاً من استبدالها، مما يضمن علاقةً تعاونية بدلاً من أن تكون تنافسية بين البشر والذكاءالاصطناعي باعتباره مهدّداً للتوظيف البشري.


الأمر ليس تشاؤميًا تماماً؛ فالمستقبل سيطرح العديد من الوظائف الجديدة المبتكرة التي لم تكن موجودةمن قبل، فهناك وظائف تعتمد على الإبداع والإحساس والحكم البشري.كذلك الدول الكبر ى والشركات العالمية ستستحدث أنظمة وتشريعات جديدة تسنّ قوانينه وتضبطاستخدامه، وستجعل للعالم طرقًا  للإبداع فيه بشكل لم يسبق له مثيل!ٍ


"عصر الذكاء الاصطناعي بدأ بالفعل" ليس هناك أيةُ مبالغة في هذه العبارة.

 ولكي تواجه التحديات الجديدة التي ستواجهنا ،  والتي سوف نتعامل معها في المستقبل القريب، فإن عتادك لهذه المهمة هما:

  • المعرفة والفهم "لا يمكن لأيًٍّ منا أن يكون مستعدًا لمواجهة ما يجهله".
  • الخبرة والقدرة على استخدامها وتوظيفها بالشكل الصحيح.

إليك المحصّلة: الخبراء يؤكدون لنا على أمريْن:

  • الذكاء الاصطناعي لن يستطيع استبدال البشر بشكل كامل.
  • دمج الذكاء الاصطناعي في الأدوار المختلفة أمر لا مفر منه.

اسمح لي بأن أذكّرك بأمريْن:

  • ردود فعل الناس حول أي تقنية جديدة دائماً ما تقُابل بالرفض؛ هل تخيّلت يوماً أنّ الراديو الموجود بـ (مطبخ منزلك) كان في الماضي مُحارب، والآن أصبح شيئاً لا يمُكن الاستغناء عنه؟ "كُن واعياً لما حولك، فطنٌ نبيه".
  • أولئك الذين يستخدمون الذكاء الاصطناعي سوف يكون لديهم ميزة واضحة عن الذين لا يستخدمونه.

في نهاية هذا الصدد، أرى أنّ مقولة الفيلسوف اليوناني هيرقليطس تعلو وتصدح؛ القائلة بأنّ: "الثابت الوحيد في هذه حياة هو التغيير".