كيف تكتشف ميولك في كتابة المحتوى ؟

 عبر المساحات الصوتية المسجلة على منصة إكس تحديداً مساحة (ثراميديا) اُستضيفت الأستاذة/ سمية زلط، مؤدية صوت مذيعة ومحررة إعلامية 

في لقاء بعنوان: (كيف تكتشف ميولك في كتابة المحتوى؟)، وذلك في يوم الأربعاء الموافق: 9 أكتوبر 2024م، بعد أيام من الاحتفال بتوقيع كتابها في معرض الرياض الدولي للكتاب.

ننشر لكم محاور هذا اللقاء وما تفضلت به من أجوبة تفيد المبتدئين في مجال الكتابة. 

- كيف ومتى ابتدأت سمية الكتابة؟ 

عن سمية شخصيا، أستطيع القول إن الكتابة بدأت معي منذ المراحل الأولى في المدرسة.. بدأت بالأوتوجراف.. تعرفونه؟

كنت أحب تدوين الكلمات التذكارية لصاحباتي ومعلماتي وكنت أعطيهم الأوتوجراف لتدوين كلماتهم لي أيضا.. هذه أول بداية للكتابة على المستوى الشخصي. 

ثم في مرحلة أكبر بدأت بالرغبة الوجدانية في التعبير عما في نفسي تجاه أمور عديدة في الحياة، كنت أحب الكشكول والأجندة المؤرخة، وأدون فيها مشاعري البسيطة، أمنياتي وما أتطلع إليه.. وكانت مرحلة ما قبل تدوين الملاحظات اليومية. 

ولأنه لا كتابة بلا قراءة لابد أن أشير إلى محفزات الكتابة الأولى لدي:

(العبارة اليومية) في أسفل التقويم الجداري الذي اعتادت بيوتنا على تعليقه في مستهل السنة الجديدة. 

(مكتبتي الصغيرة) التي كانت تحوي بعض القصص، كانت محفّزًا لي على الكتابة.

(مجلة ماجد للأطفال).

ثم في مرحلة تالية تطور الأمر إلى مجلات فكرية وثقافية ربما كانت سببا في تثقيفي آنذاك ومنها كان مداد قلمي ربما. 

لاحقا كانت (بعض الكتب) مثل كتاب صيد الخاطر، وكتاب جواهر الأدب.

في هذه المرحلة ظهرت بوادر للكتابة، وذلك في أثناء تعليقي وانتقاء بعض المقتطفات التي استوقفتني. 

أنتقل الآن إلى مرحلة جديدة ربما هي المرحلة الحقيقية لتكوين ملكة الكتابة لدي، وهي المرحلة الجامعية في تخصص اللغة العربية تحديدا، الذي كان له الأثر الكبير على تجويد كتابتي.

ولأن الميول والرغبة كانت موجودة أساسا، كان لهذه الدراسة أثرها الكبير خاصة مع تلخيص المواد الجامعية واكتشاف هذه المهارة لدي؛ إذ القدرة على التلخيص والاختزال هي مهارات كتابية مهمة تجنح بنا إلى عالم الكتابة.

ثم بعد ذلك مرحلة اكتشاف ميول إعلامية، فالحس الإعلامي ظهر لدي بمتابعة البرامج الحوارية والثقافية والسياسية مع العوامل السابقة التي أدت  إلى تطور شخصي كان له أثره على قلمي ولساني.

ثم جاءت مرحلة عملية في التحرير الكتابي الإعلامي؛ إذ حررت فعليا بعض الأخبار وكتبت بعض العنوانات في صحف إلكترونية لمدة محدودة، ومنها عرفت ميولي الكتابية التحريرية، وكتبت أيضا مقالات وتقارير قصيرة.

ثم في أثناء قراءاتي الأدبية أعددت بعض المواد مكتوبة لتقديمها صوتيا. 

وأخيرًا شرعت في تأليف كتاب يهتم بالصوت وكتاب يهتم بالكتابة، وكان من ثمرة ذلك: الكتابة العربية: تأريخ وتأصيل ومهارات.

 - حدثينا عن كتابك (الكتابة العربية).

 مؤلَّف يعنى بالكتابة العربية الاعتيادية، يتألف من فصول ثلاثة، ويمهّد بمصطلحات كتابية عربيّة، تدور في سلك الكتابة من كتاب الفصاحة والبلاغة الأعظم (القرآن الكريم)، يرجع إلى جذور هذه الكلمات ويحاول الوصول إلى الفروق الدقيقة بين معانيها.

فصله الأول يحكي عن الكتابة تاريخيا، أنواع الكتابة، وكيف تطورت الأشكال البدائية للكتابة إلى أنظمة أكثر تعقيدًا مع تقدم الزمن، والحضارات التي ابتكرت الكتابة وكيف أثرت الثقافات المختلفة في تطور الكتابة عبر الزمن، وكيف نشأت الأبجدية العربية، وحديث عن أدوات الكتابة الحسية والمعنوية.

وفصله الثاني تأصيلي يعنى بتجويد الكتابة العربية، يتناول الأطر النظرية التي تقوم عليها الكتابة العربية ومقوماتها ومعززاتها، ويعرف بقوالب الكتابة الوظيفية، والأسس التي تساعد في كتابة يوميات أو مذكرات أو مستندات وظيفية فعّالة، مما يحتاج إليه رواد المجال الكتابي الاعتيادي.

الكتاب دليل ميسّر لمن يرغب في معرفة أسس الكتابة الاعتيادية وتطوير مهاراته التحريرية الكتابية، بعد رحلة يقضيها مع الكتابة عبر الزمن.

- كيف أكتشف ميولي للكتابة؟

 أنت حين تحس وتتأثر أو تستشعر أهمية شيء، ستتولد لديك رغبة ملحة في التعبير عنه، وإذا كنت تملك أدوات الكتابة ستخرج كلماتك، وتجد رغبة لديك في الكتابة. 

إذا كنت متطلعًا حسّاسا محبًّا للقراءة، فأنت تتجه تلقائيا نحو الكتابة أدركت أم لم تدرك.

فالإنسان المتطلع الحساس يحب القراءة منذ مراحله الأولى، والقراءة دوما وقود الكتابة، ومن هنا اكتشاف ميولك للكتابة. 

- كيف نفرّق بين الكتابة الاعتيادية والكتابة الإبداعية؟

الكتابة الاعتيادية أو الوظيفية تبنى على قواعد مصطلح عليها، هي القواعد الأساسية للكتابة العربية، يكفي فيها الالتزام بالقاعدة وسلامة الكتابة وترابط الأفكار وتسلسلها، وصحة البيانات أو المعلومات، فلا تتطلب إبداعاً أدبياً من خيال أو محسنات بلاغية…، وتتسم بالموضوعية والوضوح والمباشرة والدقة.. ومثالها: الكتابة الصحفية

أما الكتابة الإبداعية فمرتبطة بالإبداع الأدبي واللغوي، فيها غموض وخيال وتلاعب واحتمالات ومحسنات لفظية بلاغية وحبكات درامية؛ مثل كتابة الشعر والروايات والقصص.. ونحتاج إليها أحيانا في التسويق والإعلانات. 

- كيف يخطط الكاتب قبل البدء في الكتابة؟

إجمالا:عندما يخطط الكاتب للكتابة في موضوع ما، عليه أن يجيب أولا عن هذه الاستفهامات:

ماذا (الموضوع) 

كيف (نوع الكتابة ومجالها) 

لماذا (الهدف منها) 

من (الفئة المستهدفة) أين (مكان النشر) متى (وقت النشر) 

ثم يبدأ التنفيذ بتحديد مصادر معلوماته وذلك بالبحث والقراءة الفاحصة في المجال الذي يكتب فيه، وتحديد أفكار موضوعه الرئيسة والثانوية، وانتقاء كلماته، وجمله، وعباراته، وذلك بالعصف الذهني.

 ثم تأتي مرحلة الصياغة، ولابد فيها أن يستوفي عناصر التعبير اللساني والبناء الكتابي من حروف ومفردات وتراكيب ودلالات وأساليب، بشروطها.

ويلتزم في ذلك بالبناء التنظيمي للقالب الكتابي الذي اختاره، فلكل قالب شكله المتعارف عليه، ثم يراجع كتابته و يدققها، ثم يضع عنوانه الجاذب! 

- كيف نصيغ عنوانًا ملفتًا وجاذبًا؟

 العنوان يأتي في نهاية الكتابة غالبًا، ويجب أن يكون ملخِّصًا ومُجمِلًا للموضوع ومعبّرًا عنه وموضِّحًا للمغزى منه، ولا يكون فيه أي حشو أو زوائد.

أكثر العنوانات جذبًا تلك التي تحمل سؤالا مشوقًا لمضمون الموضوع شريطة أن يهم الفئة المستهدفة.

يقول أحد خبراء كتابة المقالات التي تحتوي على عنوان جاذب:

" في المتوسط، يبلغ عدد الأشخاص الذين يقرؤون العنوان الرئيسي خمسة أضعاف عدد قراءة النص الأساسي، فعندما تكتب عنوانك؛ تكون قد أنفقت ثمانين سنتاً من دولار".

ما يؤكد على الأهمية البالغة في تميز عنواناتنا لجذب القراء.

- من أين يستلهم كاتب المحتوى أفكاره؟

يستلهم الكاتب أفكاره من اتجاهات عدة وغير محددة؛ من ثقافته العامة، من قراءاته الخاصة، من الأحداث والمواقف والتجارب، من أحاديث الآخرين، من كل شيء في الحياة.

- كيف يتشكل أسلوب الكاتب؟

الأسلوب سمات تعبيرية خاصة، يتشكل من حصيلة تراكمية ثقافية ولغوية، ولا يتشكل بين ليلة وضحاها.

الأسلوب ثمرة عوامل عدة تنمو مع الشخص منذ يومه، تتأثر بها قراءته وخبراته وتجاربه في الحياة، مثلما أشرت في حديثي عن بداياتي مع الكتابة والتدرج فيها، وتحسين الأسلوب يتطلب كثرة القراءة عامة والأدبية منها خاصة. 

- كيف يبتعد الكاتب عن الأخطاء الإملائية واللغوية؟

بتجويد الكتابة وتعلم أسسها ومهاراتها وقواعدها.

 ولعل كتابي (الكتابة العربية: تأريخ وتأصيل ومهارات) يكون معينًا لمن يريد إجادة كتابته وتفادي هذه الأخطاء. 

- كيف نطور من كتابتنا ونعززها؟

بالتعلم، بالاستماع، بالقراءة، بحفظ النصوص والشواهد ذات الصلة، بالتثقيف بالإلمام والإحاطة بالموضوع…

- ما الأفضل للكاتب: أن يكتب في مجالات مختلفة أم يختص في مجال معين؟

الأفضل من وجهة نظري أن يجيد ويحسن فيما يكتب؛ فإن كان له في مجالات مختلفة يكتب في مجالات مختلفة ولا مانع، فهو لن يكتب أصلا إن لم يكن لديه ما يكتبه في مجال ما، وإن شاء الكاتب أن يتخصص في مجال ما، فهذا يرجع لاهتمامه. 

- نصيحة توجهينها للكاتب المبتدئ.

  • تعلم أسس الكتابة واعرف فنونها وميّز بين أنواعها.
  • اقرأ ثم اقرأ ثم اقرأ خاصة فيما تريد أن تكتب.
  • مارس الكتابة بتدوين ملاحظاتك ويومياتك.
  • وسّع مداركك بالتثقيف الذاتي والاطلاع والمعرفة واكتساب المزيد من الخبرات.

صحيح أن الكتابة موهبة لكنها مكتسبة أيضا بعوامل عديدة تطور من شخصيتك وفكرك، ويكون لذلك أثر على قلمك. 

- كلمة تختمين بها هذا اللقاء

أحب أن أختم بهذه الكلمة لابن الأثير؛ إذ قال في صنعة الكتابة:

"اعلم أن صناعة تأليف الكلام من المنظوم والمنثور تفتقر إلى آلات كثيرة، وقد قيل: ينبغي للكاتب أن يتعلق بكل علم، حتى قيل: كلّ ذي علم يسوغ له أن ينسب نفسه إليه فيقول: فلان النحوي، وفلان الفقيه، وفلان المتكلم، ولا يسوغ له أن ينسب نفسه إلى الكتابة فيقول: فلان الكاتب، وذلك لما يفتقر إليه من الخوض في كل فن.وملاك هذا كلّه الطبع؛ فإنه إذا لم يكن ثمّ طبع فإنه لا تغني تلك الآلات شيئا؛ ومثال ذلك كمثل النار الكامنة في الزناد والحديدة التي يقدح بها؛ ألا ترى أنه إذا لم يكن في الزناد نار لا تفيد تلك الحديدة شيئا؟".